top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

الاعلامي التونسي المبدع محمد بن رجب يكتب بمناسبة مرور 36 سنة على انتفاضة الخبز وقصة الدماء والشهداء


الى كل من كذب على الشعب

اذا قرر الشعب التغيير يتحرك

في اليوم الثالث من جانفي

تمرّ بنا الذكرى السادسة بعد الثلاثين على قتل المئات من المتظاهرين الذين خرجوا في كامل الجمهورية منذ يوم 29ديسمبر 1983 وبدأت تتوسع شيئا فشيئا في البلاد إلى أن اندلعت في العاصمة و سيطر المتظاهرون على مفاصلها فأحس النظام بالاختناق وحدث ما حدث من دماء وموت ودمار وكل ذلك بسبب الترفيع في ثمن الخبز وعدم اعتبار الشعب في أي قرار يتخذه النظام المستبد ... لقد قتل النظام المئات من المحتجين المدافعين عن خبزتهم دون أن يعرفوا سببا واحدا لهذه القسوة التي ظهرت في قلوب رجال السلطة فجأة وجابههم بها السياسييون الحاكمون ولا حاكم غير الحزب الدستوري .. ولا ذنب للشهداء الا أنهم طالبوا باسمهم وباسم كل الناس سواء أولئك الذين نزلوا إلى الشوارع أو أولئك الذين رابطوا في بيوتهم أو في مكاتبهم وأعمالهم في انتظار نتائج هذه المظاهرات طالبوا بإلغاء الترفيع في ثمن الخبز ذلك ان أغلبهم فقراء أو هم متوسطو الحال لا يقدرون على ملاحقة الترفيع في الأسعار مع الإبقاء على الأجور كما هي

لقد قرر الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله قبل اسبوع من هذا التاريخ الترفيع في ثمن الخبز تحت تأثير بعض المتآمرين من حوله من الذين يبحثون عن أي درب يسلكونه لاسقاط محمد مزالي الوزير الاول آنذاك بقيادة جماعة في القصر ينفذون رغبة فرنسا و بعض القوى الغربية وبعض الدول المنزعجة من إمكانية أن يرث محمد مزالي حكم بورقيبة العجوز المريض وهم يعتقدون أنه عروبي وقريب من الاسلاميين ..لذا كان هناك قرار إرباك الأوضاع الاجتماعية وتحريك الشارع بكل الطرق حتى يقتنع بورقيبة بضرورة ابعاد محمد مزالي فقد كانوا يرعبون بورقيبة من مواقف مزالي المرتبطة بفكر عروبي مع احترام الاسلام والاسلاميين

كما كانوا يؤكدون لبورقيبة من كون محمد مزالي خطر عليه لأنه يعتبر الديمقراطية امرا ضروريا للشعب وله علاقات ودية مع أحزاب المعارضة وقرب إليه الطليعة الأدبية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات وتبناهم في مجلة الفكر رغم أن البعض منهم كانوا يساريين دون انتماء الى الحزب الشيوعي وقد شجع التيار الالتقدني في الحزب الحاكم على تبني الطليعة في الملحق الثقافي لجريدة العمل الحزبية الناطقة باسم الحزب الحاكم كما أنه فتح باب العودة للمعارضين التونسيين الهاربين في الخارج وخاصة منهم البعثيون والقوميون الذين اختاروا الاستقرار في سوريا والعراق وعاد بالفعل الكثير منهم إلى وطنهم بعد غربة قسرية طويلة

وقد كان وراء اقناع بورقيبة للسماح له برفع الحظر عن الحزب الشيوعي واسناد التأشيرة لصدور جريدة *الفجر *الناطقة باسم تيار الاتجاه الإسلامي الذي أصبح في بداية حكم بن علي يحمل اسم *النهضة * وهذا *التهمة* بالديمقراطية قائمة

إذن واعداء مزالي يجدون بسهولة على ما يعتمدونه للإساءة إليه لدى الرئيس وكان البعض منهم يؤكدون له أن مزالي يقدم المساعدات سياسيا للاسلاميين رغم أنهم في مظاهراتهم كانوا يرفعون شعار بورقيبة عدو الله ..وتمثلت المساعدات في عدم ملاحقتهم و السماح لهم بالعمل دون ترخيص فاصدروا بعض المجلات والجرائد قبل أن ينجح المتصارعين على إرث بورقيبة قبل رحيله النهائي لإجبار مزالي على اتخاذ القرارات ضدهم وضد بعض البعثيين وبعض اليساريين وانطلاق الملاحقات والمحاكمات من جديد وبدأ موسم الهروب الكبير و تجاوز الحدود خلسة بلا جوازات احيانا وبدأ القادة والناشطون المعارضون وخاصة من الاسلاميين يعودون إلى السجن.. مع المحاكمات التي كان بورقيبة حريصا عليها لانه كان يعلم ان مظاهرات في الشوارع يقوم بها الاسلاميون ويهتفون ضده « بورقيبة عدو الله ». ويعتقد البعض أن تقارير كانت تصل إلى بورقيبة من أن المظاهرات ضد الترفيه في ثمن الخبز كان يقودها الاسلاميون.. وهي تقارير كاذبة لان الاسلاميين لم يضغطوا على النظام بسبب الخبز فقدكانت التحركات شعبية عامة بلا قيادات دفاعا عن حق الشعب في قدرة على شراء الخبز بأثمانها المعمول بها قبل قرار الترفيع فيها اذن تمكن المتنافسون على الحكم من اقناع بورقيبة أن الوضع متأزم للغاية وهو خطر على النظام فقرر الرئيس اذن ان يضرب ضربته القوية تحت تاثير ادريس قيقة وزير الداخلية اثناء المظاهرات بسبب الترفيع في الخبز والتي وصلت الى اقصاها من الحراك ورد الفعل والدم دون ان ننسى تاثير زين العابدين بن علي فيما بعد بالتعاون مع سعيدة ساسي ابنة أخت بورقيبة والتي استقرت بالقصر الرئاسي اثر طرد وسيلة بن عمار التي كانت تحمل رسميا اسم «سيدة تونس الاولى » بتطليقها من بورقيبة الذي لم يكن راضيا على الطلاق انما استغل المحيطون به ضعفه وضياعه الفكري من حين لاخر وفبركوا له القصص التي دفعت به في النهاية الى الموافقة على الطلاق من زوجته ورفيقته لسنوات طويلة وكانت المرجّحة للكفّة عندما تتأزّم الصراعات السياسية في البلاد وتتفاقم المنافسات الشرسة من أجل خلافة بورقيبة فقد كانت افضل من الكثير من رجالات بورقيبة في ذلك الوقت نقول ذلك رغم بعض ما هي متهمة به منذ بداية الاستقلال وأثر إعلان الجمهورية بسبب ما قيل حول استحواذها على ثروات البايات اخرجتها من القصور.. ولا يوجد إثر لها إلى حد الآن.. وذلك قبل زواجها من بورقيبة الذي كان يحبها وله بها علاقة قوية رغم زواجه من الفرنسية* ماتليد * التي تحمل اسم مفيدة بورقيبة ... واعتذر عن هذا الاستطراد الذي اعتبره ضروريا لوضع القاريء في الثورة التي يحاول جماعات النظام السابق من سياسيين شركاء في ما حدث أو سياسيين ملتزمين بالحزب الحاكم آنذاك واعلاميين واحيانا نجد بعض الباحثين لا يكتبون الحقيقة لأنهم ينتمون إلى الحزب الحاكم.. أو لان أساتذتهم ينتمون إلى الحزب الحاكم ولا يريدونهم أن يخرجوا من توجهات محمد الصباح في كتابة تاريخ بورقيبة .. ......... لقد تمكن «الجماعة » من اقناع بورقيبة بأن الخبز يلقى به في المزابل والناس لا يعطونه القيمة التي يستحقها لأن ثمنه منخفظ جدا وهم يعرفون اذا ما تم الترفيع في ثمن الخبز يخرج الناس إلى الشوارع غاضبين على بورقيبة ..فيغضب الرئيس من مزالي وينحيه من الوزارة الاولى ....

وقد ذكر بورقيبة بالاسم في خطاب له في هذا الموضوع الرحوم زكرياء بن مصطفى الذي كان آنذاك رئيسا لبلدية العاصمة وتحت تاثير مباشر من وزير الداخلية السيد ادريس قيقة... قائلا... لقد دعوت شيخ المدينة المكلف بالزبلة.. هكذا قال بورقيبة وهي طريقته في تحقير الشخصيات التي يرى أنها يجب أن تبتعد عن الحكم والسلطة وتذكروا ما قاله عن السيد الباهي الأدغم وما قاله عن فؤاد المبزع وعن أحمد بن صالح والباجي قائد السبسي. ..كلهم وصفهم بأقذر الأوصاف حتى يحملهم كامل المسؤولية في ما يحدث من آلام لشعب التونسي جراء قرارات تصدر باسم رئيس الجمهورية ...

سأل بورقيبة السيد زكرياء بن مصطفى.

"". هل صحيح أن الناس يلوّحوا في الخبز ..""

.ولا نعرف ماذا كان جواب السيد زكرياء بن مصطفى.

المهم أن بورقيبة هو الذي قال للشعب على لسانه

. سي زكرياء متاع الزبلة أعلمني أن زبلة المواطنين فيها الكثير من الخبز ولذا قررت الترفيع في ثمنه ... يومها حاول السيد محمد مزالي الوزير الأول أن يمنع صدور قرار رئاسي للترفيع في ثمن الخبز.... وهي نصيحة اعدائه لتوريطه.. من ذلك ان وزير المالية ..ووزير الاقتصاد يؤكدان صباح مساء ان الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد لن تستقيم ان لم يتم الترفيع في ثمن الخبز... وساعدهم وزير الداخلية على اقناع بورقيبة بذلك.. ولا اعتقد ان الوزيرين المختصين في المال والاقتصاد كانا مخطئين.. انما كان من الضروري ايجاد حل آخر غير الترفيع في ثمن الخبز . ونبه السيد محمد مزالي بورقيبة الى المخاطر التي قد تنجر عن هذا القرار الا أن بورقيبة أصر على موقفه. لانه اقتنع فعلا بضرورة الترفيع في الثمن بما ان الخبز يتم الالقاء به في المزابل ان الناس يشترون منه اكثر من حاجياتهم لرخص ثمنه..واجبر بورقيبة محمد مزالي وقد على الاعلان عن الترفيع في ثمن الخبز بنفسه والقاء خطاب تبريري

ومحمد مزالي فعل ذلك صراحة ويتحمل المسؤولية التاريخية في عدم الاصرار لأخر لحظة على عدم الرفع في ثمن الخبز

...فخرج الشعب يوم 3 جانفي 1984في غضب عارم في كامل الجمهورية.. وتواصلت الاحتجاجات الساعات الطوال في اليوم الأول و تواصلت في الغد..وكالعادة اندسّ جماعة اليقظة وميليشيا المرحوم محمد الصياح التابعين للحزب الحأكم وهو الحزب الدستوري وسط الجماهير الهادرة وبدأ أولئك المندسين يحدثون الهرج والمرج في هيجانات هستيرية ويكسرون بلور الواجهات للمحلات و يحرقون البعض منها ويشعلون النيران في سيارات الخواص و سيارات الشرطة و بعض الحافلات ويعتدون على كل من يعترضهم في الطريق من المشكوك في أمره اي ان يكون من رجال الأمن أو المخابرات كما ان ادريس قيقة لم يكن بريئا تماما من تسخين الأجواء في الشوارع وفق ما قالته جريدة "الراي" التي ذكرت ،أيضا ان سفارة فرنسا كانت تنشط عناصرها في الشوارع

واضافت انها وزعت اموالا ....

وعلم بورقيبة بالانفلات الحاصل في البلاد فأمر باطلاق النار وأخرج الجيش من ثكناته آمرا اياه بفرض النظام بالقوة .... وبالفعل استشهد أكثر من 245 مواطن في ظرف يومين وقد اعترفت السلطات ب76 قتيلا فقط...لكن بعض الوثائق ومنها المنشورة تؤكد ان القتلى تجاوزوا المائتين ...بل هناك من يقدم رقم 400قتيل

ولم لاحظ بورقيبة أن الوضع تأزم ..وان الشعب لم يتراجاع رغم القتل والكلب الناري المتواصل فخرج في المساء بورقيبة وقال للشعب كعادته *غلطوني* ولذا نرجع وين كنا ...

.....نعم هذا ما فعله بورقيبة بكل بساطة .،،نرجعو وين كنا ،،

وهذه الكلمة أصبحت شهيرة في تونس رغم الالم ...فالسياسة الاعلامية المركزية قدرت على اعادة الناس الى عشق بورقيبة بتحميل بعض المسؤولين كل الذنوب وطرد البعض منهم...الى ان تمكنوا من انهاء عهد مزالي ومحاولة محاكمته...

ويبقى بورقيبة دوما بعيدا عن الشبهات. واوامر القتل وتلك سياسة ترضي الجميع من الدستوريين و أنصارهم لأنها تبقي على نظام بورقيبة وفي بقائه ثرواتهم ونفوذهم ومصالحهم ..في حين انهم يحاربون ما من يحسون بإمكانية أن يختلف في سياسته أو حكمه عن بورقيبة فتضيع بعض مصالحهم أو كلها .. ومما يذكر ان البعض من

الملاحظين شاهدوا ادريس قيقة وزير الداخلية يرفع اصبعي الانتصار .v.حسب بعض الصحف الصادرة بعد يوم من الانتفاضة

..وهذا دليل انه كان ينتظر هذا النصر المتمثل في ازاحة مزالي لكن بورقيبة قام بمتغيرات كبرى ولم يمس بمزالي يومها

وعاد الناس الى بيوتهم حزانى على ما حدث وعلى الدماء التي سالت وعلى مئات الشهداء الأبرياء..... ولكن هذا النصر لم يتواصل طويلا وقطع بورقيبة عنهم شهوة الحكم

..وازاح ادريس قيقة ..وعين محمد مزالي مؤقتا وزيرا للداخلية الى جانب مهامه كوزير أول....وعادت الامور الى الهدوء لكن باي ثمن.. فالقلوب محترقة والمؤامرات من المؤكد ستزداد بتغيير الاستراتيجيات لاسقاط محمد مزالي لانهم كانوا رافضين لبقائه الذي يؤدي به حتما الى رئاسة الدولة وخلافة بورقيبة ..وهو أمر لا يقبلون به فجل الشخصيات البارزة دخلوا في صراع ومنافسة لوراثة بورقيبة ...وطبعا يكون الشعب هو الضحية.. والاعلام لا يقول شيئا الا ما يمكن ان نجده من اعلام مغاير في جريدة الرأي او جريدة الديمقراطية بالفرنسية

كل الذين استشهدوا لا ذنب لهم سوى المطالبة بحقهم في ثمن معقول للخبز يقدرون عليه ..كما ان هناك مئات العائلات كانت قلوبها تحترق لا فقط على العدد.المرتفع للشهداء بل ايضا على مئات الموقوفين الذين امتلأت بهم محلات الشرطة ومراكز الايقاف ....

....في تلك الأثناء خرج آلاف الدساترة وتعانقوا مع رجال الأمن والجيش وقالت الاذاعات والتلفزة (كانت هناك تلفزة واحدة و هي تلفزة النظام .طبع)ا

..قالت بأن الشعب التحم بالجيش والأمن اثر الخطاب التاريخي العظيم لبورقيبة حيث اعاد الأمور الى نصابها بعد الخطأ الذي قام به البعض في تهييج الشعب بسبب الترفيع في ثمن الخبز وقد أعاد بورقيبة الأمور الى نصابها وستتم معاقبة المتسببين في الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد ........ .......وقد تحدثت جريدة الراي عن هذا الحادث المؤلم واكدت ما قام به ادريس قيقة في تحقيق مطول ...المهم ان بورقيبة حمل قيقة وزير الداخلية المسؤولية لوحده

وأطرده من الحكومة و عمل على تقوية جانب الوزير الأول محمد مزالي باعتبار أنه كان يعرف أنه بريئ من دم المواطنين وخاصة وانه كان نصحه بعدم الموافقة على الترفيع في ثمن الخبز ...

لكن المسؤولية ، مهما كانت الاوضاع ، يتحملها بورقيبة.. ولو كان كبير السن ولا يقوى على اتخاذ القرار كان عليه ان يختفي أو أن يجتمع البرلمان للنظر في امر الدولة التي كانت بدأت تتفتت وتتآمل من الداخل وهي آيلة للسقوط بين ايدي مغامر او مغامرين ..كان من الضروري ان يفعلوا أي شيئ لابعاده في هدوء عن الحكم ومن الضروري تسليم الحكم لمن ينص عليه الدستور.. لكنهم جميعا يريدونه ان يبقى لتفسد حياة الناس فيسقط النظام في يد القوى او الاكثر قدرة على التدمير ليمسك بلادا هزيلة وشعبا خائفا ..

وللاسف هذا ما حدث في نوفمبر 1987لما قام بن علي بعملية انقلابية وابعد بورقيبة فرحّب به الشعب لان الناس كانوا خائفين على حياتهم وعلى ابنائهم وعلى ارزاقهم اعتبارا للاوضاع التي وصلت اليها البلاد.. وقد تم الترحيب بزين العابدين بن علي رغم انهم يعرفون جيدا من هو .. والكثير من السياسيين في الحزب الحاكم وفي المعارضة كانوا يعرفون انه منفذ عمليات القتل يوم 26جانفي وهو اليوم الاسود في تاريخ تونس الحديث ..كان يوما مشؤوما سالت فيه دماء التونسيين ..واستشهد المئات من المواطنين ولا ذنب لهم سواء انهم خرجوا لمساندة الحبيب عاشور في دعوته الى استقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل .وتحقيق بعض الحريات... فكان ما كان بقيادة زين العابدين بن علي الذي لم يكن وزيرا انذاك بل مديرا للامن.. لكنه عرف كيف يتقرب من الرئيس ليكسب ثقته ويأمره في ذلك اليوم الدموي بان ينقذ النظام مهما كان الثمن فكان الثمن موت مئات المواطنين في الشوارع بلا ذنب اي ان الأمر بالقتل صدر مرتين من بورقيبة ..

وللأسف أن المؤرخين..أو 90 بالمائة منهم بورقيبيون قالوا بأن أحداث 3 جانفي مفبركة وهي نتيجة لصراع القصر من أجل خلافة بورقيبة وان بورقيبة أبدا لم يعط اي امر بالقتل.. وبعضهم من أهل اليسار القريب من الدساترة قالوا ..لا حل.لاستقرار الامن الا باستعمال القوة فالكثير يريدون سقوط الحكم في ايديهم ولا في ايدي قيادات مجهولة قد تبعدهم نهائيا عن الحكم بل قد تحاكمهم ايضا لما اقترفوه من اعمال فساد واستبداد ..

وقال أخر......لا حل لبورقيبة في ذلك اليوم غير اطلاق النار ليستتب النظام..فللنظام احكامه .. وهم يقولون بذلك اثر الثورة بعد ان عادوا الى فكر بورقيبة التحاما بالنداء.خوفا من الترويكا وخاصة النهضة والمنصف المرزوقي... ولم يدافع احد عن بورقيبة اثر الانقلاب عليه

...وقد عمل المؤرخون دوما و طيلة أكثر من ثلاثين سنة على تبرئة بورقيبة من دم الأبرياء الذين ماتوا برصاص الجيش ورجال الأمن... وهو نفس الشيئ الذي فعلوه عندما كتبوا عن الخميس الأسود في 26 جانفي 1978 حيث استشهد المئات فحسب جريدة لوموند تجاوز عدد الشهداء الالف شهيد.(1000) في هذا الخميس الأسود.... والسؤال هو لماذا أقوم باستدعاء جريدة لوموند والاستشهاد بها...ببساطة لأنه لا يوجد مصدر غيرها فالصحافة التونسية بيد السلطة

وحتى جريدة الصباح المستقلة التي كنت آنذاك اعمل فيها محررا لم يكن في امكانها أن تقول أي شيئ آخر غير الذي يصلها من القصر أو من وزير الاعلام... وان حاولت أن تواكب احداث هذا اليوم الدموي طبعا هذا لا يبرر صمتها....لكن لا حل لها غير ان تلتزم بالاخبار الرسمية مع بعض الاجتهادات التي لا انكرها شخصيا.من الزميل الكبير عبد الطيف الفراتي....

وبالمناسبة أذكر ايضا بان الصمت الذي دخل فيه السيد الطيب البكوش غير مبرر.(.. الذي مسك وزار ة التربية بعد الثورة ثم وزيرا للخارجية) وهو الذي كان آنذاك الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل وهو يعرف كامل تفاصيل الجريمة النكراء التي حدثت في تونس بأمر من بورقيبة لانقاذ النظام من سطوة اتحاد الشغل وبتنفيذ من زين العابدين بن علي الذي كان آنذاك مديرا للأمن الوطني ....والسيد الطيب البكوش دخل السجن يومها مع مئات النقابيين وخرج ليصبح فيما بعد الأمين العام للاتحاد ولم يقل شيئا الى الآن ولا أريد أن أحلل الموضوع أكثر ......

وللعلم ان.تونس اثر احداث هذا اليوم الدموي الخميس.الاسود شهدت احداثا اخرى. دموية ليس للحكومة التوسية او بورقيبة اي يد فيها هذا صحيح الا ان استغلال الحدث سياسيا لنشر القمع وغرس الخوف في قلوب الناس هو الذي يجب تسجيله

فبعد اكثر من سنة ونصف حدث الهجوم على قفصة فنسي الناس الأحداث السوداء ليوم الخميس الأسود واهتموا بالهجوم الذي نفذه جمع من التونسيين القادمين من ليبيا بأمر من معمر القذافي الذي خطط لاسقاط السيد الهادي نويرة الوزير الأول آنذاك والذي.كان وراء اسقاط. دولة الوحدة ببن تونس وليبيا ايمها الجمهورية العربية الاسلامية عاصمتها القيروان..

كان القذافي اذن يهدف الى اسقاط نويرة الذي عارض قيام الوحدة بين تونس وليبيا وفق التفاقية المعهدة التي وقعها بورقيبة والقذافي في حربة يوم 12جانفي 1974 وفرض نظام يميل الى القذافية كان الهجوم على قفصة شرسا من قبل جماعة معارضة من الشباب التونسي اصبحوا قذافيين او مجرد مرتزقة سلحهم القذافي ومولهم بل ايضا انشا من احلهم اذاعة اطلق عليها اسم « هنا قفصة » والقى بها في اتّون حرب دارت فورا في قفصة حرب شرسة بين المهاجمين والجيش والحرس والامن كانت نتائجها سيئة جدا على مدينة قفصة وابنائها وكانت نتيجة الهجوم على قفصة انهيار صحي للسيد الهادي نويرة الذي كان يقود العمليات في قفصة بنفسه وكان يعرف ان القذافي بهذا الهجوم بشباب تونسي.يستهدفه هو لانه تسبب في اسقاط حلمه بالوحدة بين تونس وليبيا ...كما ان الهادي نويرة كان يعرف مدى حلم القذافي فهو يريد ان يحكم دولة كبيرة اذا ما توحدت تونس مع ليبيا فالمهم اليوم أن أشير الى أن كل رجال الحزب الحاكم آنذاك والتجمع في ما بعد والنداء اليوم وشقوقه لا يريدون الاشارة الى هذه الأحداث حتى يقدموا للناس صورة وهمية عن بورقيبة وحتى يبرئوه من أي حادث سياسي أو نقابي أسود ...هو بريئ والمجرمون هم الذين يعلن عنهم بورقيبة ...عندئذ يتجند الاعلام والأمن والقضاء

والغريب ان كتّاب التاريخ ولا اقول المؤرخين لانهم لم يبحثوا ولم يتبيّنوا الحقائق انما يكتبون وفق رغبات بورقيبة و تعاليم محمد الصياح مؤرخ القصر للتأكيد على عظمة بورقيبة ونظافة سريرته وتحميل أخطاء النظام ومفاسده على كاهل كل الذين أراد بورقيبة ابعادهم مثل أحمد بن صالح والباهي الأدغم والهادي نويرة الذي لم يرحمه بورقيبة فقد سارع بتعويضه ما ان زاره في بيته ووجده مصابا بشلل في يديه بسبب الأزمة في قفصة التي احتلها لأيام جماعة القذافي.....ثم كان نصيب محمد المزالي الذي تحمل الأذى الكبير عام 1986 بسبب مؤامرات كان يحوكها بعض رجال النظام ضد مزالي دون أن يكون زين العابدين بن علي بريئا من هذه المؤامرات التي اسقطت مزالي بالفعل ..وتم تعيين السيد رشيد صفر ..لكن زين العابدين بن علي واصل حركته السرية والعلنية الى ان أسقط بورقيبة و سقوط جانب كبير من النظام في يديه يوم 7 نوفمبر 1987.

....المهم الآن أن يعرف الناس أن ما يقال لهم عن بورقيبة يحمل الكثير من الخيال او الرؤى المدبرة وما يقال دوما عنه انما هو منظم بدقة سياسيا يكتبه ويخرجه جماعة بورقيبة من المستفيدين من النظام ومن الفاسدين والكثير منهم مازالوا في الحكم الآن أو هم يحكمون من وراء الستار .. نعم بورقيبة كان له الكثير من الأعمال الجليلة في التعليم وفي الصحة وفي تحرير المرأة وحتى في هذه الميادين لم يكن المبادر بل ان الأرضية كانت خصبة لانطلاقة الدولة على أسس حديثة ومهمةفلا تنسوا المعاهد الكبرى المنتشرة في تونس مثل الصادقية والعلوية وخزندار ودار المعلمين بالمرسى ومعهد البنات بنهج الباشا ومعهد بنزرت ومعهد سوسة ومعهد صفاقس...دون ان ننسى المدارس الثانوية. والاعدادية المنتشرة في كامل البلاد من قبل الاستقلال بعشرات السنين..دون ان نذكر طلبة جامع الزيتونة الذين كانوا بالالاف وفي مستويات راقية احيانا ...

كما ان بورقيبة الذي طور الصحة يقال عنه دائما انه مؤسس ما تمتع به التونسيون في الصحة فقد كانت هناك مستشفيات كبرى مثل شارل نيكول والرابطة .والحبيب ثامر واريانة. والصادقية التي اصبحت فيما بعد عزيزة عثمانة .ولا ننسىى مستشفى الامراض العقلية بمنوبة دون الحديث عن بعض المستشفيات المهمة في صفاقس وفي سوسة وبنزرت بما فيها مستشفى محترم في منطقة المناجم وبالتحديد في المتلوي الذي لم يعد له اهمية منذ عشرات السنين ..

هذا لا يعني ان بورقيبة لم يقم بمجهود كبير في هذا المجال ...ابدا كانت له الايادي البيضاء لكن لا يجب المبالغة ل حد التأليف فنسند له كل مجهودات الوطن. له وحده وكانه النبي الذي نزل بعدد من المعجزات ... لكن أيضا كانت له الكثير من الأعمال التي يجب أن يقراها التاريخ من جديد لأن كاتبي التاريخ البورقيبي في جلهم من المستفيدين منه وبعضهم كانوا في أعلى المناصب في الحزب والدولة والبعض الآخر كانوا في دواوين الوزراء أو رؤساء معاهد وجامعات ..........

ولذا فان تاريخنا البورقيبي في حاجة الى قراءات أخرى حتى لا يواصل النظام الحكم بالكذب والمؤامرات ...لكنه تمكن من العودة بأشكال مختلفة وهو متواصل الى الان وبعد ثورة دموية اطاحت برئيس الفاسدين..وان كانت للنهضة منذ بداية الثورة حضورها كشريك أو كمباشر للحكم مع التوافق مع التجمعيبن عبر النداء او شقوقه..واضح اذن ان لا اخلاق لدى جل السياسيين..فقد اعتمدوا على محبة الناس لبورقيبة نتيجة الدعايات الكاذبة المنظمة وعاد الكثير من البورقيبيين والتجمعيين الى السيطرة على السلطة وعاد الكذب يعمل بقوة للسيطرة على العقول ....

ألم تروا أن معارك اليوم السياسية تتأسس على الخلاف حول من يستحق أن يكون خليفة بورقيبة في الفكر والسياسة وذلك لمزيد احكام السيطرة السياسية اعتمادا على تجربة بورقيبة .بدعوى انها من اروع التجارب ..ولا أحد قال يوما أن بورقيبة أمر ثلاث مرات بقتل المواطنين المطالبين بحقهم في الحياة الكريمة بشكل مغاير عن الحياة التي يقترحها نظام بورقيبة وأمر منذ بداية الاستقلال بملاحقة اليوسفيين وقتلا لبعض منهم محاكمة الآلاف منهم .وانتهت الفتنة باغتيال زعيمهم صالح بن يوسف في المانيا... .

محمد بن رجب

36 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page